دراسات

استانا4 والعبور إلى مناطق تخفيف التصعيد

المحامي لؤي اسماعيل - موقع زنوبيا الاخباري


قد يكون من الصعب انتظار قطاف نتائج آنية ملموسة لمؤتمر أستانة بأجزائه الأربعة لكن في الاستراتيجيا يجب انتظار قطاف الحصاد فترة طويلة من الوقت لتنضج كافة أموره . في مقابلة له مع صحيفة تي بي أس اليابانية اوضح السيد الرئيس بشار الأسد الغاية من مفاوضات أستانا " لدينا آمال في أن يشكل منبراً لمحادثات بين مختلف الأطراف السورية حول كل شيء.. لكني أعتقد أنه سيركز في البداية.. أو سيجعل أولويته.. كما نراها.. التوصل إلى وقف إطلاق النار وذلك لحماية حياة الناس والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى مختلف المناطق في سورية.. ليس من الواضح ما إذا كان هذا المؤتمر سيتناول أي حوار سياسي.. لأنه ليس واضحاً من سيشارك فيه. حتى الآن.. نعتقد أن المؤتمر سيكون على شكل محادثات بين الحكومة والمجموعات الإرهابية من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار والسماح لتلك المجموعات بالانضمام إلى المصالحات في سورية.. ما يعني تخليها عن أسلحتها والحصول على عفو من الحكومة.. هذا هو الشيء الوحيد الذي نستطيع توقعه في هذا الوقت" اذا الاولوية في هذه المفاوضات هو محاولة حقن الدماء من خلال التوصل إلى وقف إطلاق النار وفتح المجال للفصائل الارهابية بالانخراط بعملية تسوية تفضي إلى تخليها عن السلاح مقابل عفو من الحكومة السورية " المذكرة الروسية لتخفيف حدة التصعيد في سوريا أكدت بشكل مباشر على وحدة واستقلال وسيادة الدولة السورية مسترشدة بقرار مجلس الامن رقم 2254 (2015) الذي اكد التزامه القوي بسيادة واستقلال ووحدة الجمهورية العربية السورية ووقعت عليها كل من روسيا وإيران وتركيا باعتبارهم الدول الضامنة للاتفاق وبالتالي انتزعت إقرارا تركيا مباشرا بوحدة الأراضي السورية وتعتبر نقطة تحول في الموقف التركي كبح جموح الأطماع التركية في الأراضي السورية وبالتالي ألزم تركيا بالعمل على تعزيز الاتفاق وهو أمر لا ينكر أهميته بسبب الدعم التركي المباشر للكثير من فصائل المعارضة الإرهابية المسلحة وهو في حال التزم الفريق التركي به سيكون له أثرا كبيرا في رفع الغطاء عن الكثير من الفصائل الارهابية في حال خرقت اتفاق تخفيف حدة التصعيد . - ماهي المناطق التي شملها نظام تخفيف حدة التصعيد ؟ بحسب الاتفاق الموقع عليه من قبل الدول الضامنة روسيا وإيران وتركيا فإن نظام وقف حدة التصعيد يشمل ثماني محافظات تتواجد فيها الفصائل المعارضة من أصل 14 محافظة سورية وهذه المحافظات هي : - محافظة ادلب وهي التي تسيطر عليها العديد من الفصائل الإرهابية وهي على تماس مباشر مع الحدود التركية وتتلقى هذه الفصائل دعما عسكريا ولوجستيا تركيا مباشرا - أجزاء من محافظات اللاذقية وحماة وحلب، من دون أن تحدد المذكرة ما هي تلك الأجزاء علما أن جميع تلك المحافظات محاذية لادلب. وتسيطر الفصائل المعارضة على مناطق محدودة في ريف اللاذقية الشمالي وتخضع فيها العمليات العسكرية لمبدأ الكر والفر مع تفوق واضح وملحوظ للجيش السوري الذي حرر مناطق واسعة في شمال ريف اللاذقية وأحبط العديد من الهجمات الارهابية ومحاولات التسلل التي تقوم بها الفصائل الإرهابية اما ريف حماة الشمالي فلقد استطاع الجيش السوري أيضا كسر هجوم المسلحين عليه واسترجاع معظم المناطق التي انسحب منها  اما ريف حلب الغربي وأجزاء من ريفها الشمالي فتخضع لسيطرة بعض الفصائل المسلحة بعد انسحابها من كامل مدينة حلب أثر العملية العسكرية التي قام بها الجيش السوري مدعوما بالقوات الرديفة والحلفاء حيث أفضت العملية الى خروج المسلحين من المدينة واعلان تحرير حلب . - أجزاء في ريف حمص الشمالي، والذي تسيطر الفصائل المعارضة على مناطق فيه. - في الغوطة الشرقية، التي تعد معقل الفصائل المعارضة وخاصة "جيش الإسلام" قرب دمشق مع تواجد لبعض الفصائل الأخرى متل جيش الرحمن والفسطاط والنصرة وتشهد المنطقة صراعا قويا ودمويا بين هذه الفصائل في محاولة للتفرد بالنفوذ . - أجزاء من جنوب سوريا، أي في محافظتي درعا والقنيطرة. وتسيطر الفصائل المعارضة على غالبية محافظة درعا باستثناء مناطق في الريف الشمالي واجزاء من المدينة ومركز المحافظة وتجري العديد من المعارك في هذه المناطق حيث يقوم الجيش السوري تباعا بالتصدي للهجمات الارهابية ولا يوجد عمليا خرق واضح في ميزان القوة فيها . كما تسيطر الفصائل المعارضة على قسم كبير من محافظة القنيطرة مدعومة  من جيش الاحتلال الاسرائيلي الذي يقوم بالتدخل المباشر في سير المعارك في المنطقة إذا هذه هي المناطق التي شملها نظام وقف حدة التصعيد وأهم الملاحظات عليه أنه لا يشمل منطقتي الرقة ودير الزور أما الجدول الزمني لهذا الاتفاق فلقد أكد الضامنون أنه إجراء مؤقت، وستكون مدته في البداية 6 أشهر، وسيتم تمديده تلقائيا على أساس توافق الضامنين. - ما هي أهداف منطقة تخفيف حدة التصعيد ؟ بحسب الاتفاق فإن أهداف هذا الاتفاق : 1- وقف الأعمال العدائية بين الأطراف المتنازعة (حكومة الجمهورية العربية السورية وجماعات المعارضة المسلحة التي انضمت إلى نظام وقف إطلاق النار وستنضم إليه باستخدام أي نوع من أنواع الأسلحة، بما في ذلك الضربات الجوية. 2- توفير إمكانية وصول المساعدات الإنسانية بسرعة وأمان من دون معوقات؛ 3- توفير الظروف لتقديم المعونة الطبية للسكان المحليين وتلبية الاحتياجات الأساسية للمدنيين. 4- اتخاذ تدابير لاستعادة مرافق البنية التحتية الأساسية، بدءا بشبكات المياه والكهرباء. 5- توفير الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين داخليا بصورة آمنة وطوعية. أما الاجراءت المتخذة لمنع وقوع حوادث ومواجهات عسكرية بين الأطراف المتنازعة فلقد نص الاتفاق على إنشاء مناطق أمنية وتشمل المناطق الأمنية ما يلي : - نقاط تفتيش لضمان حرية تنقل المدنيين العزل وإيصال المساعدات الإنسانية وتعزيز النشاط الاقتصادي - مراكز مراقبة لتأمين تطبيق نظام وقف إطلاق النار عمل نقاط التفتيش ومراكز المراقبة كذلك وكذلك إدارة المناطق الأمنية يجب أن تكفلها قوات الدول الضامنة على أساس التوافق. ويمكن أن تنشر الأطراف الثالثة قواتها، إذا لزم الأمر، على أساس توافق آراء الضامنين. أما النقطة الأكثر أهمية في هذا الاتفاق فهي التي تتحدث عن التزامات الدول الضامنة والتي تم تحديدها : - اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان وفاء الأطراف المتصارعة بنظام وقف إطلاق النار؛ - اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمواصلة القتال ضد داعش وجبهة النصرة وجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة بالقاعدة أو داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي حددها مجلس الأمن الدولي داخل وخارج مناطق التصعيد : وهنا النقطة الأهم في الاتفاق حيث تم إحباط جميع محاولات تبديل جلد جبهة النصرة ومحاولة إقحامها في أي تسوية عن طريق فك ارتباطها بتنظيم القاعدة وتغيير اسمها ومحاولة تقديمها كفصيل معتدل تمهيدا لاعطاءها دور في أي تسوية مقبلة أما تنظيم داعش فلا خلاف معلن بين الأطراف على ضرورة محاربته لكن الاتفاق يقطع الطريق على سبل الدعم التركي المستتر للتنظيم من خلال تزويده بالسلاح أو المقاتلين وتسهيل عبور المقاتلين عبر الاراضي التركية - مواصلة بذل الجهود لإدراج جماعات المعارضة المسلحة التي لم تنضم إلى نظام وقف إطلاق النار حتى الآن، انضمامها إلى نظام وقف إطلاق النار. ونصت الاتفاقية على قيام الضامنين في غضون اسبوعين من توقيع المذكرة بتشكيل فريق عامل مشترك معني بتخفيف التصعيد - وحدد الاتفاق تاريخ الرابع من حزيران موعدا لإنجاز خرائط مناطق تخفيف التصعيد والمناطق الأمنية ، وكذلك فصل جماعات المعارضة المسلحة عن الجماعات الإرهابية المذكور حيث يعد فريق العمل المشترك بحلول التاريخ المذكور أعلاه خرائط مناطق تخفيف التصعيد والمناطق الأمنية كي يتم إقرارها من قبل الضامنين، وكذلك مسودة مشروع فريق العامل المشترك و يقدم فريق العمل المشترك تقريرا عن أنشطته إلى الاجتماعات الدولية الرفيعة المستوى بشأن سوريا المعقودة في أستانا. وفور توقيع الاتفاق قال السيد بشار الجعفري رئيس الوفد السوري إلى المفاوضات : إن الجمهورية العربية السورية تؤيد المبادرة الروسية حول مناطق تخفيف التوتر وتؤكد التزامها بنظام وقف الأعمال القتالية الموقع في ال30 من كانون الأول عام 2016 بما فيه عدم قصف هذه المناطق. وأشار الجعفري إلى أن الجمهورية العربية السورية تؤكد في السياق نفسه استمرار الجيش العربي السوري والقوات المسلحة والرديفة والحلفاء في حربهم ضد الإرهاب ومكافحتهم لتنظيمي “داعش” وجبهة النصرة والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بهما أينما وجدوا على امتداد الأراضي السورية. وأكد الدكتور الجعفري أن “أستانا 4 كانت قفزة نوعية بإنجازاتها” معربا عن الشكر لجهود كازاخستان وروسيا وايران في هذا الإنجاز المهم الذي سيساعد في حقن دماء السوريين وفتح الباب أمام الحل السياسي.. كما وصف مبعوث الأمم المتحدة الخاص الى سورية ستافان دى ميستورا مذكرة التفاهم بشأن انشاء مناطق تخفيف التوتر في سورية بأنها خطوة في الاتجاه الصحيح مؤكدا دعم الأمم المتحدة لها. بدوره أكد رئيس الوفد الروسي إلى اجتماع “أستانا 4” الكسندر لافرنتييف أن “مذكرة مناطق تخفيف التوتر في سورية التي تم التوقيع عليها في أستانا اليوم تفتح المجال أمام الحفاظ على وحدة الأراضي السورية والحل السياسي مؤكدا أنه اعتبارا من 6 أيار ستتوقف جميع الأعمال القتالية والأنشطة العسكرية في المناطق الأربع التي رسمها وحددها الخبراء العسكريون في المذكرة الروسية” وحول وقف الطلعات الجوية الروسية فوق المناطق المحددة والمعنية بوقف حدة التصعيد كان لرئيس الوفد الروسي جوابا واضحا ومحدد يدحض كل ما من شأنه التشكيك بحقيقة الموقف الروسي حيث قال : “أن الطيران الروسي سيتوقف عن التحليق فوق تلك المناطق إلا في حال وجود أفعال تزعزع الاستقرار في أراض أخرى أو محاولات مهاجمة مواقع الحكومة السورية أو القيام بأفعال تطول المواطنين السوريين المقيمين خارج مناطق الحد من التوتر" وأكد لافرنتييف " أن روسيا الاتحادية مستعدة لإرسال مراقبيها إلى ما يسمى خطوطا آمنة للمشاركة في متابعة كيفية الالتزام بنظام وقف الأعمال القتالية وتسجيل أي خروقات محتملة” مبينا أن “البلدان الضامنة اتفقت على إمكانية مشاركة أي دول أخرى عبر قرار مشترك من البلدان الثلاث الضامنة " من الناحية العملية لا يزال الاتفاق ساريا مع بعض الخروقات ولا سيما في درعا ودمشق إلا أن مسار التهدئة سمح بإتمام العديد من عمليات التسوية خلال هذه الفترة ولا سيما مصالحة القابون وبرزة وإتمام تسوية حي الوعر في حمص والذي أدى إلى إعلان مدينة حمص خالية من الارهاب . الاتفاق أعطى المجال واسعا لمحاربة تنظيم داعش والنصرة كما أعطى زخما للعمليات العسكرية السورية في بادية الشام بهدف كسر الحصار عن مدينة الزور والوصول إلى معبر التنف عبر معركة أطلق عليها الجيش السوري معركة الفجر الكبرى وهي تأتي ثمارها العملية من خلال تحرير أكثر من 15 الف متر مربع من الاراضي وتوسيع مناطق الامان حول السلمية ومحاولة القضاء على آخر معاقل داعش في مدينة مسكنة بريف حلب وصولا إلى التمدد جنوبا لتأمين حدود مدينة درعا حيث تتواصل الحشود السورية تأهبا لإطلاق معركة تحرير درعا على غرار ما حصل في حلب . الكلمة الفصل في الميدان الآن هي للجيش السوري وهو بذلك سيضع شروطه على طاولة المفاوضات القادمة في استانا 5 فيما تبدو قوى المعارضة المسلحة في أسوأ حالاتها وهو ما عبر رياض حجاب منسق «الهيئة العليا للمفاوضات» في المعارضة السورية بأنها في أسوأ أوضاعها وهي غير مؤهلة لقيادة المرحلة . أما الرهان على الأمريكي فقد تم تحجيمه وهو إن حصل لن يكون إلا محدودا فمعركة الفجر الكبرى ستحمل معها إلى استانة 5 المزيد من عناصر القوة السورية التي سيجري استثمارها في أي اتفاق مقبل .

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=12&id=13028