كلمات | شوفو سوريا |
دراسات | رياضة |
فريـش | بزنس |
وجهات نظر | الموقف اليوم |
محليات | احوال البلد |
فن الممكن | عيادة زنوبيا |
افضح الفساد |
كانت أولى ردّات الفعل الأمريكية (والتي تعني هنا ردة فعل المجتمع الدولي) على اجتياح داعش للموصل 10/6/2014 قد اقتصرت على بيان تلاه الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية 11/6/2014 عبّر فيه عن قلق واشنطن من سيطرة داعش على المدن العراقية الواقعة في الشمال الشرقي للبلاد. نحن لم نتخلّ بعد عن نظرية الدعم الأميركي اللا محدود لداعش، وهنا قد يقول قائل كيف لواشنطن أن تدعم داعش في الوقت الذي تقوم فيه بقصف مواقعها في الشمال والشمال الشرقي للعراق؟ هذه معادلة تبدو ظاهرياً متناقضة إلا أنها ليست كذلك في حقيقة الأمر ولسوف نرى حلاً منطقياً لذلك التناقض في سياق هذه المعالجة للأحداث. لم تقف عجلة داعش عند الاحتلال المسلح وإنما ذهبت نحو تأطير المجتمعات التي تقع تحت سيطرتها بالأطر التي ترى أنها مناسبة لنهجها، وقد أدى المسار نحو عملية التأطير السابقة الذكر إلى وصول الاستفزاز إلى حدوده القصوى بدءاً من رجم النساء حتى الموت بتهمة الزنا (الرقة 20/7/2014) مروراً بختان البنات الذي تلا عملية الرجم فوراً (21/7/2014) وصولاً إلى تهجير المسيحيين و(الأيزيديين) من الموصل وقد قيل إن آخر مسيحي كان قد غادر الموصل في الساعة الثانية عشرة ليوم السبت 26/7/2014 ولسوف يبقى هذا التاريخ يحفر عميقاً في الذات المكونة لشعوب المنطقة صحيح أن نتائجه لن تظهر عما قريب فهي من النوع الذي يحتاج إلى زمن لكي تتبلور فيه تلك النتائج إلا أنها عندما تصل إلى تلك المرحلة فسوف تكون عاصفة لا تبقي ولا تذر. في 5/8/2014 وصول «عته» داعش إلى ذراه فقد وضعت النساء في مزاد علني في الموصل في استعادة لمشهد انقرض من المنطقة منذ ما يزيد على الألف عام. حدث كل ذلك ولم تحرك واشنطن ساكناً، وكثيرون آخرون على مستوى الحكومات والشارع، ولسوف يمثل ما جرى في الموصل من تهجير ومجازر وبيع وصمة عار في جبين الإنسانية جمعاء وفي جبين سيدة هذا «العالم الحر» على وجه التحديد بحكم تنطحها لحمل مشاعل الحريات وحقوق الإنسان في أرجاء المعمورة، كما سيمثل مسماراً أخيراً في نعوشنا نحن وكل من يقول أو يدعي العلمانية أو الليبرالية أو القومية العربية إذا استمر الوضع على حاله. هناك ثمة سؤال يفرض نفسه علينا وتجب الإجابة عليه يقول: لماذا تقوم العناصر المتطرفة والمتشددة والمؤمنة بفكر القاعدة أو داعش بتلبية نداء المعارك في شتى بقاع الأرض في الوقت الذي لم نر فيه أي من المؤمنين بالأفكار النقيضة يفعل ما فعلته تلك العناصر؟ الجواب عن السؤال السابق يحمل في طياته أسباب الهزائم التي منيت بها التيارات الليبرالية والقومية والعلمانية على امتداد هذا الوطن العربي على مدار العقود السبعة المنصرمة. ويجب أن ندرك أن خلو الشرق من المسيحيين (ومن الأقليات الأخرى) كما تخطط داعش سيكون كارثياً على المنطقة وسيفرض بصماته على طبيعة التطور الحاصل فيها ذلك أن سيطرة الإيديولوجيا المتشددة والمتطرفة سوف يؤدي (فيما لو حدث ذلك) إلى الدخول في دوامة الغيبيات ولا تنتهي باستحضار الأرواح والشعوذة فهي لا تملك القدرة (بنيوياً) على الخروج من تلك الدولة، ويستدل على ذلك من نظرتها المعلنة إلى جميع التجارب الإنسانية القديمة منها والمعاصرة في الشرق والغرب على أنها تجارب «الكفار» ينبغي تدميرها هي ومن يتبناها. هذا إضافة إلى أن أمراً كهذا (خلّو المنطقة من الأقليات) سوف يؤدي إلى غياب الفكر المختلف وهو أمر على درجة عالية من الخطورة يدركها المنظرون في الفكر وكذلك المؤرخون فهو يعني غياب أحد طرفي المعادلة التي تقوم عليها جدلية التطور في الفكر والثقافة والتي تقوم على صراع بين الفكرة ونقيضها لينتج عن ذلك الصراع فكر مختلف عن الاثنين وبدون هذا النقيض سوف تتحول تلك الأفكار إلى متاهات تجتر نفسها ولا ترى نقيضها اللازم للولادة الجديدة. كان الصدى الذي تركته الأحداث الجارية في المنطقة في حزيران وتموز الماضيين قد لاقى ردة فعل إقليمية اختصرها الملك السعودي الذي دعا في 1/8/2014 العلماء والمفتين السعوديين إلى الوقوف بوجه الجماعات المتطرفة والتكفيرية التي تريد أخذ الإسلام إلى رحابها كما دعا إلى المحافظة على الإسلام المعتدل!! نحن لا ندري إذا كانت الوهابية التي خبرناها جيداً في سورية عن قرب وصداها لم يزل يتردد في أرجاء الجغرافية السورية دماء ورؤوساً مقطوعة إذا كانت هذه الوهابية هي الإسلام المعتدل الذي يدعو إليه الملك السعودي فأين الإسلام المتطرف إذاً؟؟ في حين كانت ردة فعل المجتمع الدولي تتجلى بصدور القرار /2170/ في 15/8/2014 والذي لم تكن واشنطن لتنتظره كي يصدر فقد استبقته بتوجيه ضربات عسكرية لمعاقل داعش في الشمال العراقي مستندة في ذلك إلى دعم إقليمي تركي وكردي. لا تهدف الضربات التي تقوم بها الطائرات الأميركية إلى استئصال داعش من جذورها وإنما تهدف إلى تحجيمها ثم إعادتها إلى المسار الذي حددته لها في السابق، وهي تمثل (الضربات العسكرية) بشكل أدق رسالة إلى قيادات داعش مفادها وجوب العودة إلى حدود الدور المرسوم لها، فهي تجاوزت –في الآونة الأخيرة- هذا الدور بكثير حتى إنها وصلت إلى حد التهديد بهدم الكعبة (تموز 2014) ما اعتبر استهدافاً مباشراً للتركيبة السعودية القائمة حالياً (سبق أن قامت واشنطن بضربات من نفس النوع عندما اقترب الحوثيون من الحدود السعودية اليمنية وشكلوا تهديداً للعمق السعودي). جاء القرار 2170 تحت الفصل السابع (وإن كان منقوص التفويض بحكم عدم الإتيان على ذكر المادة /42/ من هذا الفصل والتي تعتبر هنا إطلاقاً واسع الصلاحيات في الأزمة التي يصدر القرار لأجلها) وقد جاء محتواه ليؤكد ضرورة استخدام القوة المسلحة لمنع توسع تلك التنظيمات (في العراق وسورية وربما في لبنان) واتساع نفوذها، بمعنى آخر ليس لاستئصالها بل لمنع تمددها ونموها ولم ينس ذلك القرار التهديد باستخدام القوة ضد الدول التي تقوم بتزويد داعش بالمال والأسلحة اللازمين لحربها التي تخوضها ضد الشعبين السوري والعراقي، وهو أمر لا يعدو أن يكون حفظاً لماء الوجه الأميركي فهو لم يكن يحتاج (في حال صدقت النوايا الأمريكية) لقرار دولي إذ تكفي الإيماءة الأميركية ذلك أن جميع الدول التي تقدم الدعم اللوجستي لداعش وأخواتها هي دول حليفة لواشنطن ولا تقوم بما تقوم به إلا تحت مظلتها. أخطر ما في القرار 2170 أنه جاء حمال أوجه يمكن الأخذ به كيفما تشأ القوى التي ستتعاطى مع بنوده وهو يبيح لواشنطن (في حال أرادت ذلك) أن تتسلق على بنود ذلك القرار لكي تقوم بضربات عسكرية تكون في نتيجتها ضد مصالح الحكومة والشعب السوريين. سؤال: هل هناك ضمانات ثنائية تثلج صدر موسكو تجاه تنفيذ القرار، حتى هكذا أمر (وجود ضمانات) لا يعتبر واقعاً يمكن الركون إليه بشكل دائم في ظل هذه المتغيرات المتسارعة في المنطقة والعالم، مبرر هذا التخوف ناجم عن استقراء التجربة الليبية التي لم تنقض بعد فقد جاءت نصوص القرار 1737 (عام 2011) في وادٍ على حين جاءت الممارسات العسكرية على الأرض في وادٍ آخر، وسرعان ما لحظ الروس هذا الأمر ما دفعهم إلى استخدام الفيتو أربع مرات متتالية ضد قرار يتيح التدخل العسكري في سورية، ليبقى التساؤل الأهم: في أي صيغة توافقية جاء ذلك القرار (بعيداً عن البنود التي احتواها) فهي الأهم حتى من القرارات التي وردت فيها أقلّه في هذه الظروف العصيبة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © موقع زنوبيا الإخباري
Powered by Ten-neT.biz An Internet Company