كلمات | شوفو سوريا |
دراسات | رياضة |
فريـش | بزنس |
وجهات نظر | الموقف اليوم |
محليات | احوال البلد |
فن الممكن | عيادة زنوبيا |
افضح الفساد |
في سوريا عقد اجتماعي علماني ، من دونه سوريا ليست سوريا ، وعليه لايحق لأي جهة دينية أياً كانت مرجعيتها وسواء كانت رسمية أو لا أن تفرض سطوتها على المجتمع السوري ، ما يشاع عن مشروع ما قدمته وزارة الاوقاف لرئاسة الحكومة ويبدو أنه يحظى برضاها هو أمر جلل وخطر ، ماكان يحصل هنا وهناك من خطوات تعزز سطوة السلطة الدينية أو تعزز المرجعية الدينية على المجتمع لم يكن أبداً خطوات منفصلة أو آنية تواكب الأحداث انما كان في سياق مخطط منظم يتدحرج مرحلة مرحلة ، الامور بدأت تصل الى حدود خطرة وخطرة جداً ، مايحصل يهدد ذاك العقد الاجتماعي ، ما يحصل بدأ يتجاوز كل الخطوط الحمر ، مايحصل سيهدد السلم الاجتماعي ، القضية هنا ليست موضوعاً سياسياً ، انما أكبر بكثير ، الخلافات السياسية تحل عبر صناديق الاقتراع ، تحل عبر تعاديل دستورية ما ، تحل عبر حوارات وطنية ، أما السطوة الدينية فلايمكن الفكاك منها ان تمكنت ، لأن التمكين يجري عبر أدوات تتغلل مجتمعياً وتصبح من نسيجه . على مدى سنوات اخترعت روافع ومنصات من قبل وزارة الاوقاف ، هذه الروافع والمنصات أمنت مظلة من التحكم والتسيير لايستهان بها ، والأنكى من ذلك أن هذه الروافع والمنصات أضحت تمتلك دفعاً ذاتياً . لاحظوا كيف أصبح حال مصر بعد أن تملكها وسيطرت عليها المرجعية الدينية ، والتي يمثلها في مصر من جهة التيار الديني الرسمي ، أقصد الأزهر وكل من يسير على نهجه الفكري من رجال دين محسوبين على الدولة ، ومن جهة تلك التيارات الدينية غير الرسمية والتي بعضها محسوب على السلطة وبعضها الآخر ليس محسوباً على السلطة انما يسايرها لكن يتعايش معها . وقع المجتمع المصري أسير ذاك الفكر المتأسلم وتحت سطوته ، ولم يعد بإمكانه الفكاك بسهولة من ذاك الأسر، سيطر ذاك الفكر على كل نواحي الحياة هناك تقريباً . حصل في العشرية الأخيرة في العراق أمر مشابه لما حصل في مصر ، أقصد من حيث سيطرة المرجعيات و التيارات الدينية بقوة على مختلف نواحي الحياة ، حيث تغللت أيادي وأفكار ورجالات تلك المرجعيات في كل شيء . أعني بالسيطرة والسطوة أن كل شيء يخضع لمراجعات و تدخلات المرجعية الدينية و أساطين الفتاوى ورجال الدين في هاتين الدولتين ، لا يمكن للمفكرين هناك أن يدلوا بآرائهم دون أن يتعرضوا للمضايقة أو الملاحقة أو الدعاوى القضائية أو حتى الاغتيال ، والأنكى من ذلك أن تلك السطوة لا تأتي من سطوة الأفكار التي تحملها تلك التيارات هنا أو هناك انما من هالة الخوف التي صبغ بها تلك المجتمعات عبر متعصبيه ومواليه ، تلك الهالة التي كبلت الجميع بنوع من الرقابة الذاتية الطوعية ، فاستحالت تلك المجتمعات الى مزيج مرعب من الغضب المكبوت والخوف المكبوت والحقد المكبوت جاهز للانفجار عند أي تدخل أو توظيف خارجي . لاحظوا ذاك الانقسام والانفصام الذي مزق المجتمع المصري ، أو بالأحرى مزق الهوية المصرية ، فبعد تفشي الردة الدينية منذ منتصف السبعينات أصبح هناك هويتان ، هوية مصرية أصلية بعضها ذو نكهة عربية وبعضها مصرية خالصة ، اولئك هم المفكرون والعلماء و أصحاب العقول الذين يجاهدون بالقلم والرأي ضد أوكار الجاهلية والبداوة والتخلف والرجعية . وهوية اخرى وهابية سعودية تتلحف بالفكر الأعرابي حيناً والفكر الاسلاموي أحياناً ، وجدت ضالتها بين الجهل وأصحاب النفوس الضعيفة وعموم الفقراء ، الذين سيطروا عليهم باستغلال فقهرهم وعوزهم وحاجاتهم المادية ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى سيطروا عليهم بالترويج للكثير من الفزاعات ، فزاعة الكفر ، فزاعة الردة ، فزاعة الحجاب ، فزاعة عذاب القبر وغيرها من الخزعبلات التي لا يقبلها عقل أو منطق ، تلازم كلا العاملين السابقين أدى الى استشراء ذاك الفكر بشكل كبير بين العموم ، وسيطر على البقية الباقية من العقول التي أنهكها الفقر والحاجة الجهل والشعوذة وشيوخ بول البعير ورضاعة الكبير ، استفحل الأمر الى درجة أن مصر أضحت مهددة بضياع و ذوبان هويتها لصالح البداوة والتخلف والجهل . اعتبرت تلك التيارات والمؤسسات الدينية وفي مقدمتها الأزهر نفسها أنها الوكيل الشرعي للأخلاق والقيمة على الاسلام ، كثر الدعاة والداعيات ، كثرت البرامج الدينية ، بل أصبح هناك قنوات دينية متخصصة ، ازداد عدد المساجد ، تهاطلت الفتاوى من كل حدب وصوب ، و اجتاحت موجة فكرية كل المجتمع قوامها أن سبب تخلفنا وانكساراتنا هو بعدنا عن الدين ، ورغم كل مظاهر التدين و الاتكالية التي سادت والخضوع لأوامر رجال الدين بل واتباعها حرفياً ، والتقيد بأداء الطقوس على أكمل وجه ، والالتزام بفتاوى وتعليمات الشيوخ الا ان الخراب ازداد خراباً ، فكانت الشماعة أننا مازلنا مقصرين ، مازلنا بعيدين عن الله ، والحل أن نكون متدينين أكثر ، أن نكون أتباعاً مخلصين أكثر لصنم الجهل المقدس ، أن نكون قطيعاً أكثر ، أن نقيس ثوانينا على وقع رغبات رب اولئك المشايخ ، اولئك الذين حصروا التقرب لله بالحجاب والثوب القصير وحف الحى و عدد حبات المسبحة وشكل سجادة الصلاة ، فكانت النتيجة أن سقطت الأخلاق الحميدة والعمل الصالح والعلم النافع الى الدرك الأسفل ، هل تعرفون أن مصر تحتل المرتبة الثانية على مستوى العالم بالتحرش الجنسي ، لا تفتشوا عن الدولة الاولى ، هي دولة مسلمة أخرى تسرح فيها التيارات الدينية و رجال الدين بكل حرية ألا وهي الباكستان . علينا في سوريا أن نتجنب الكارثتين المصرية والعراقية ، الامر مناط بكل التيارات الفكرية ، بكل المفكرين ، بكل الأحزاب السياسية وفي مقدمتها حزب البعث العربي الاشتراكي ..... وللحديث بقية ...
جميع الحقوق محفوظة 2024 © موقع زنوبيا الإخباري
Powered by Ten-neT.biz An Internet Company